قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا
تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ , وَيَظْهَرَ الْجَهْلُ ,
وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ , وَيَفِيضَ الْمَالُ , وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ " .
قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَالَ : " الْقَتْلُ
الْقَتْلُ "
ولاحول ولاقوة الابالله العلى العظيم
كثرت بزماننا هذى العلامات نسأل الله العفو والعافية لنا جميعا
متمنية لكم كل الفائدة اخواتى الكريمات
حديث لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان
وللبخاري عن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « لا تقوم الساعة حتى تقتتل
فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة
عظيمة دعوتهما واحدة وحتى يبعث دجالون كذابون، قريب من ثلاثين كلهم يزعم
أنه رسول الله، وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن،
ويكثر الهرج وهو القتل، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض، حتى يهم رب المال من
يقبل صدقته، وحتى يعرضه عليه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي به وحتى
يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه
وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمن الناس أجمعون فذلك
حين لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا »1
ولتقومن الساعة، وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه
ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو
يليط حوضه فلا يسقي منه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها
هذا
الحديث قد اشتمل على جملة كثيرة من أشراط الساعة ونقف مع المسألة الأولى
وهي قوله-صلى الله عليه وسلم-: « لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان
يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة »3
يقول المحقق من حقق هذا الكتاب الذي في مسلم: دعواهما واحدة، والمعنى قريب.
ويتبادر
-والله أعلم بالصواب- أنه المراد ما جرى بين علي -رضي الله عنه- ومن معه
ومعاوية ومن معه، كما في صفين، حتى تتقاتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة
عظيمة، وفعلا كان بينهما مقتلة عظيمة في صفين.
ذكر أهل التاريخ أنه قتل في هذه الواقعة سبعين ألفا فيما بين العسكريين.
ويشهد
بهذا -والله أعلم- الحديث المتفق على صحته في فضل الحسن، وأنه- صلى الله
عليه وسلم- قال: « إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين
عظيمتين من المسلمين »4 بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وفعلا دعوتهما
واحدة كلهم مسلمون كلهم على الحق، وإن كان أهل السنة والجماعة يقولون: إن
عليا-رضي الله عنه- هو الأحق، هو الأحق بالأمر، وأن جيش معاوية إنهم بغاة
على علي-رضي الله عنه-، ويستدلون على هذا بالحديث الصحيح: « تقتل عمارا
الفئة الباغية »5 فرضي الله عن الجميع.
ومن أصول أهل السنة الإمساك عما شجر بين الصحابة وعدم الخوض فيه.
ومن
أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم. فهذا قريب أن يكون المراد بقوله: « لا تقوم الساعة حتى تقتتل
فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة »6
دعواهما أو دعوتهما واحدة، أقرب ما يكون المراد هو ذلك، هو ما جرى بين العسكرين، بين أهل الشام وأهل العراق.
فهذه
من الأحداث التي تكون قبل القيامة، تكون حدثت وأخبر بها الرسول، وكل ما
أخبر به الرسول مما وقع فإنه علم من أعلام نبوته عليه الصلاة والسلام،
وبهذا نعلم أن أعلام نبوته تتجدد حينا بعد حين، فكلما ظهر أمر مما أخبر به
كان ذلك علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، وهذه الأشراط ما ذكر في
هذا الحديث أو غيره يختلف الناس في العلم به، إما في العلم بخبر النبي-صلى
الله عليه وسلم- عنه، أو في العلم بالواقع.
كثير
من أشراط الساعة لا يعلمها الناس لعدم سماعهم لسنة الرسول- صلى الله عليه
وسلم- وقد يعرف من يعرف ما جاء في السنة، ولكن لا يعرف الواقع فلا يدري عن
هذا الأمر وقع أو لم يقع؟ ما جاء في السنة، إذن فمن أشراط الساعة ما علمنا
وقوعه.
ومن أشراط الساعة ما نعلم أنه لم يقع، ومنها ما قد يكون ما لم نجزم بأنه وقع أو لم يقع، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد. كفى هذا فالحديث طويل،.
أحسن
الله إليكم، يقول: فضيلة الشيخ، يقول بعضهم: إن الواجب على الرعية أن
تطالب بحقوقها وتأخذ مالها من الراعي، ولو بالقوة، واستشهد على ذلك بما جاء
أن قال بعضهم لعمر: إن فعلت قومناك بأسيافنا.
هذا
القول المروي لا ندري عن ثبوته أولا: أثبتوه هذا، يقال له: أولا الإثبات.
الأمر الثاني: أن سنة الرسول مقدمة على قول كل أحد، وأنا أظن هذا الأثر
باطل، هذا لا يكون، كيف يقول أحد هذا الكلام لعمر الخليفة الراشد العادل،
كيف يجترئ أحد أن يقول: نقومه بسيوفنا، كيف يقومونه؟ يقتلونه يعني، أترون
الذين تجنوا على عثمان زاعمين أنه قد تصرف تصرفات غير لائقة أن هذا تقويم،
هكذا يكون التقويم، لا هذا عين الفساد والإفساد، فنسأل من يطرح هذا السؤال،
نتحداه، نقول: أولا أثبته، وإن ثبت فالجواب ما علمتم، قول الرسول-صلى الله
عليه وسلم- وسنته الظاهرة مقدمة على قول كل أحد. نعم.
أحسن الله إليكم يقول: هل تقبل التوبة بعد خروج الدجال، أم هي مقيدة بخروج الشمس من مغربها؟
لا، مقيدة بخروج الشمس من مغربها. نعم.
أحسن
الله إليكم يقول: ابتلي رجل بسحر، وحال هذا السحر بينه وبين عمله، وبينه
وبين طلب العلم، وأنسي كثيرا منه، حتى طالت مدة علاجه، ويخالجه التثبيط،
ويخاف من اليأس، علما بأنه كثير الدعاء ومجتنبا بفضل الله للمحرمات، فما
نصيحتكم له؟ وجزاكم الله خيرا.
نصيحتي
له بأن يصبر، هذا بلاء كمرض عادي من الأمراض المعتادة المعروفة العوارض
تحول بين الإنسان وبين كثير من المصالح الدينية والدنيوية، ويرجى له أن
الله يكتب له ما كان يعمل يوم كان صحيحا، على حد قوله صلى الله عليه وسلم: «
إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحا مقيما »7 فعليه
بالصبر وعليه بالدعاء، ولعل ما ابتلي به يكون سببا لرفع درجاته وحط أوزاره.
نعم.
أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ: نشهد الله على حبك فيه، كيف أفرق بين الشك في الدين وبين الخطرات والوساوس، وكيف أعالجها؟
لا حول ولا قوة إلا بالله.
الخواطر
يعني أمور ترد على البال ولا يكون لها مكان، كم يخطر ببال الإنسان أمور هو
يرفضها تماما رفضا تاما في أمور يعني يمكن، ومما يتصل بأحواله وأحوال
الناس، فهذه الخواطر السيئة لا تضر إلا إذا الإنسان استجاب لها وصدقها، ورد
على بال الإنسان التكذيب بالبعث، فكر أن البعث ما هو ساير، هذا خاطر، فإنه
صدقه أو أوجب له ترددا أي أصبح راح إيمانه الأول، هذا وقع في، أما إذا فكر
لا وقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وعلم أن هذا باطل أو في ما هو فوق
ذلك ما جاء في الأحاديث: يأتي أحدكم الشيطان ويقول: من خلق كذا؟ من خلق
كذا؟ حتى يقول له: من خلق الله؟
جاء
هذا أحاديث-تعرفونها- مشهور في الصحيحين وغيرهما، فإذا كان هذا الخاطر ورد
على البال: من خلق؟ ولكن يعني وجد الإنسان في نفسه كراهة لهذا وبغض ونفرة،
فإن هذا لا يضره، وقد أرشد النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى العلاج: « إذا
وجد أحدكم ذلك فليستعذ بالله ولينته »8 وفي حديث يقول: آمنت بالله ورسله،
فهذه أنواع من العلاج يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الجأ إلى الله
ليحميك ويعصمك من هذا الخاطر السيئ، « وجاء رجل إلى النبي- صلى الله عليه
وسلم- فقال: إني أجد في نفسي ما لو أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به
»9 بغضا لهذا الفكر.
والآن
يسأل بعض الناس ولا سيما بعض النساء يحصل لها وساوس، وبسبب الجهل تظن أن
هذا يضرها، تجد أفكارا من هذا النوع فيما يتصل بالخالق أو بأصول الدين،
فيطغى عليها هذا التفكير، وهي تدرك أن هذا باطل باطل، لكنها تخشى أنها بهذا
تكفر أو يخشى من ابتلي بهذا من الرجال أنه يكفر، كما جاء هذا الرجل، فيقال
له: أبدا.
هذا
ولله الحمد، هذا البغض وهذه النفرة وهذا القلق من هذا الوسواس هذه نعمة،
هذه علامة الصحة، فيه مقاومة، يعني القلب والإيمان، من الناس يكون إيمانه
فيه مقاومة، فيه مضاد.
كما
يعبر ابن القيم يقول في وصف القلب المشرق، يقول: سماء إيمانه محروسة. يعني
بشهب الحق ما يقترب شيطان إلا ويأتيه شهاب من العلم والإيمان فيعود خاسئا
ولله الحمد والمنة من فضل الله.
الخطر في أنك تصدق يتحول يقينك شكا. خلاص والله ما أدري.
أما
ما دام المبدأ الأصلي عندك صحيح فالخواطر عابرة، المؤمن يعرف أن هذا باطل،
وأنا أمثل لبعض الناس، يعني: لو خطر ببالك يا إنسان ألقى الشيطان إليك أنك
أنت إن أمك زانية، حتى تصبح بها التفكير أن تشك يمكن أنك ولد زنا، العاقل
على طول يرفض هذا ويتعوذ بالله من الشيطان، فكر سيئ خاصة مع فكرت تقول:
يمكن أمي زانية، وعلى إنسان يسأل ربه الثبات على دينه، يقول: « اللهم يا
مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك »10 نعم.
أحسن الله إليكم وأثابكم ونفعنا بعلمكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
كنا
بدأنا بما اشتمل عليه حديث أبي هريرة في صحيح البخاري عن جملة مما يكون
قبل قيام الساعة، مما يعده العلماء من أشراط الساعة من ذلك أنه لا تقوم
الساعة حتى يقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة، دعواهما واحدة
وسبق التعليق على ذلك.
« وحتى يبعث كذابون ثلاثون كلهم يزعمون أنه رسول »11
هذا أيضا خبر عن غيب، لا تقوم الساعة حتى يبعث البعث، كون البعث والإرسال
في القرآن وفي السنة، البعث أو الإرسال مضاف إلى الله نوعان: بعث كوني،
وبعث شرعي، وكذلك الإرسال، الإرسال هو: إرسال الله تعالى الرسل بالدين الحق
والعلوم النافعة بما أوحى إليهم سبحانه وتعالى.
والبعث الكوني: هو النوع التسليط ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ﴾12 هذا نسميه بعث أو إرسال كوني، هكذا أيضا ما جاء في هذا الأمر « لا تقوم الساعة حتى يبعث »13
يعني حتى يظهر ويوجد، وذلك بتقدير الله كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه رسول،
يعني: رسول من عند الله، يدعى ذلك كذابا، وهؤلاء متفرقون في سائر الزمان،
يمكن ظهر بعضهم ويظهر آخرون، والكذابون كثير من ادعى النبوة لعل الذين
ظهروا أكثر من ثلاثين بكثير، وفي المستقبل منتظر أن يظهر كذابون، لكن قال
العلماء: لعل المراد الذين لهم يكون لهم أتباع، ولهم ظهور مثل مسيلمة
الكذاب، ومثل الأسود العنسي، قالوا: ولعل آخرهم الدجال الأعور، لأنه أول
الأمر يدعي النبوة ثم يدعي الربوبية، حتى يظهر كذابون ثلاثون، دجالون
كذابون دجال كذاب متقارب يعني متقارب الدجال كذاب.
يقول: وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل،
يقبض العلم جاء في الحديث الصحيح أن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه من
صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ
الناس رءوسا جهالا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا
هذه من أشراط الساعة، قبض العلماء ولم يزل قبض العلماء من عهد الصحابة لم يزل قبض العلماء، لأن العلماء كغيرهم، فالرسل لا يخلدون ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴾14
فبموت العلماء يقل العلم، لكنه لا يقبض قبضا نهائيا إلا في آخر الزمان عند
قرب قيام الساعة قربا تاما، كما جاء في الآثار أنه يسرى على هذا القرآن.
القرآن
يسري عليه فلا يبقى منه حرف، يسري عليه، فيرفع من المصاحف والصدور، لكن
عندما ينتهي أجل هذه الدنيا، لا يبقى إلا أن تقوم الساعة.
وتكثر
الزلازل، أيضا هذه من الأحداث التي أخبر عنها -صلى الله عليه وسلم- أنها
تكثر الزلازل، وفعلا الزلازل لم تزل، وفي هذا العصر لا نزال نسمع الأخبار
عن الزلازل في الشرق والغرب، ومن ذلك الكسوف الذي جاء ذكره في الحديث
الشريف، من ضمن أشراط الساعة الكبرى ثلاث: كسوف، خسف في المشرق، وخسف في
المغرب، وخسف في جزيرة العرب.
الخسوف
إنما تتبع وتحصل نتيجة الزلازل، وتكثر الزلازل وكما قلنا: إن مثل هذه
الأخبار عن الغيبيات لا يتأتى الجزم بالتعيين، لأن هذا مما أو هو المعني
بخبر الرسول-صلى الله عليه وسلم-، لكن هذا يؤخذ على سبيل الإجمال.
نعم.
يقول:
ويتقارب الزمان وتظهر الفتن، أما تقارب الزمان فكثر كلام الشارحين فيه،
أقول: من أقرب ما قيل في معنى تقارب الزمان هذا يعني قصر الزمن بسبب
الغفلة، وتمضي الأيام والليالي والشهور سريعا بسبب الغفلة، وبسبب النعمة.
هذا
من أقرب ومن أحسن ما قيل في تفسير تقارب الزمان، تتسارع الليالي والأيام،
وهذا الأمر يذكره بعض أهل العلم في قرون سابقة يذكرون هذا الشعور، الشعور
بقصر الأيام والليالي وبسرعتها، وهكذا الناس الآن يشعرون بهذه الحالة، وبعض
أهل العلم في هذا العصر يقول: لعل والله أعلم أن تقارب الزمن عبر به عن
تقارب المكان، وتقارب المكان يتضمن تقارب الزمان، وذلك بما تهيأ للناس من
وسائل اتصال ومواصلات، وسائل اتصال ومواصلات، فما كان يقطع في شهر يقطع في
ساعة الآن بالطيران، ما كان يقطع في شهر يقطع في ساعة، اختصار زمن، في
تواصل الاتصالات الصوتية أيضا تختصر الزمن، فبعض أهل العلم من المعاصرين
يقول: لعله والله الأعلم مما يدخل في تقارب الزمان، وتكثر الفتن.
أما
قوله في الحديث: وتكثر الفتن، هذه كلمة عامة، وكثيرا ما تطلق الفتن على
الحروب التي لا يعلم وجهها العمياء التي لا يتميز بها المحق من المبطل مما
ينبغي اعتزاله، وقد تكون الفتن هنا أعم من ذلك، تكثر الفتن بأنواعها
المختلفة، فتن الحروب، فتن الشهوات، فتن الشبهات، ربما نعم.
تكثر
الفتن ويكثر الهرج وهو القتل، يكثر القتل وهو القتل بتفسير النبي عليه
الصلاة والسلام، فإنه جاء في بعض الروايات، قيل له: ما الهرج، قال: القتل
القتل، والقتل كلمة عامة، تشمل القتل بالحروب وبغير الحروب، القتل بفعل،
يعني المجرمين، الاعتداءات الفردية أو الجماعية، وهذا أمر أيضا يتكرر عبر
السنين، القتل كثر منذ وقع السيف على هذه الأمة بقتل الخليفة الراشد. ولم
تزل الفتن والحروب والقتل هنا وهنا، وأنتم الآن تسمعون أكثر ما يجيء في
الأخبار الآن، الأخبار ماذا؟
أخبار
القتل والحوادث، هذا هو الغالب على الأخبار، هذا هو الذي الآن توليه وسائل
الإعلام اهتماما، وسائل الإعلام إنما تولي اهتمامها حوادث القتل. نعم
والهرج وهو القتل.
« وحتى يكثر المال ويفيض »15
أيضا كثرة المال ما زال يتقرر مثل هذا، لكن الحقيقة المال أما كثرة المال
وفيضان المال هذا لم يزل يحصل بين حين وآخر. فيه بعض البلاد هذا لا يعني
أنه في كل البلاد ما يلزم أن يكون في كل البلاد حتى يهم الرجل من يأخذ
صدقته، وقد يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد من يقبلها، هذا فيما يظهر لي أنه
لم يحدث، لأن المعروف أنه لم يزل لم يذكر مثل هذا.
يهم من يأخذ يعني المعروف، والسائد أنه
لم يصل الأمر بالناس الأمر بالناس مع ما يحصل من بسط لدرجة أنهم لا يقبلون
الصدقة ولا يقبلون الزكاة، فالزكاة الآن في الازدياد، يأخذها من يأخذها بحق
وبغير حق، يأخذها الغني يأخذها من لا يستحقها.
فقد
يكون هذا في وقت متأخر لم يأت، وأنهم لا يقبلون هذا بسبب فيضان المال،
يكون كل مستغن بما عنده، ويعني ويحمله كذلك على عدم الأخذ، إما أنه
الاكتفاء ووجود التعفف عند الناس أو لوجود أمور رهيبة ومخيفة تجعل الناس
يزهدون في أخذ المال بسبب سوء الأحوال، فإن كثرة الفتن وكثرة المصائب تجعل
الناس يزهدون في هذه الدنيا.
نعم « وحتى يكثر المال ويفيض حتى يهم رب المال »15 حتى يهم، يهم فعل مضارع من أهمه، أهمه الأمر. إذن "وحتى يهم " وهذا أفصح وأرجح ما جاءت عليه الرواية من أهم الرباعي.
« وحتى يهم رب المال من يأخذ صدقته »16 أهمه الأمر يعني جعله يهتم ويخاف الرجل من ألا يجد من يأخذ، يخاف من ألا يجد من يأخذ صدقته. نعم.
« وحتى يعرضه على من يعرضه عليه، فيقول من يعرض عليه الصدقة: لا أرى بالي فيه، لا حاجة لي به »17
يفيض
المال، فيخرج الإنسان بصدقته بزكاة أو غيرها فيهم من سيأخذ؟ وحتى يعرضه
على معين: خذ، فيقول له: خذ، فيقول له من عرض عليه: لا أرى بالي فيه، إما
أن يكون الحامل له على ذلك هو الزهد، وإما ما يعيشونه من الفتن التي تضعف
تعلق الإنسان بالمال، ولكن عند سياق الحديث يقتضي أن الباعث والحامل على
ذلك هو فيضان المال، وهذا عجيب، والمعروف أن الإنسان ما يشبع.
هذا
هو الأصل في ابن آدم ما يشبع من المال، فسياق الحديث يقتضي ارتباط
الامتناع من أخذ الصدقة بالفيضان وبكثرة المال حتى يهم رب المال من يأخذ
صدقته، وحتى يعرضه فيقول من يعرض عليه: لا غرض لي فيه. نعم.
« حتى يتطاول الناس في البنيان »18
وهذه من الأمارات التي وردت في حديث جبريل، قال: فأخبرني عن أماراتها؟
قال: « أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في
البنيان »19 والتطاول في البنيان يعني التنافس وهو في البناء.
الحفاة
العراة العالة سكان البادية ورعاة الشاة-الغنم- يتطاولون في البنيان، وهذا
أشبه ما يكون أنه يصدق بالتحضر، تحضر البوادي، وسكن البوادي للمدن والقرى.
نعم.
« وحتى يمر الرجل على قبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه وحتى تطلع الشمس من مغربها »20
في
بعض الروايات وما به إلا البلاء يتمنى الموت يقول: يا ليتني مكان صاحب
القبر ما به إلا البلاء. البلاء العظيم، الفتن العظيمة تجعل الإنسان يتمنى
الموت، « وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني مكانه »21 .
يعني
ليس من بعد الرغبة في الآخرة وإيثار الموت على هذه الحياة دينا وتقوى لا
بل يعني قلقا من الحياة، الإنسان إذا ابتلي ببلاء عظيم، ولهذا قال صلى الله
عليه وسلم: « لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد متمنيا
فيقول: اللهم أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كان الوفاة خيرا لي
»22
إذا فقوله: « حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه »21
هذا فيه تمن للموت، ولا يدل ذلك على جوازه، لأنه إخبار بواقع، والإخبار
بالواقع لا يدل على الحكم، إخبار كما قال صلى الله عليه وسلم: « لتتبعن سنن
من كان قبلكم »23 هذا خبر عما سيكون، ليس إقرارا لهذا الاتباع، بل هو إخبار أن هذا كائن.
قال: « وحتى تطلع الشمس من مغربها »24 فإذا طلعت آمن من عليها، أي من على وجه الأرض، آمن من على وجه الأرض، فذلك قوله: ﴿
يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا
لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾2 فهذا الحديث يفسر الآية.
الحديث مفسر للآية والمراد بقوله: ﴿ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ﴾2
أن المراد طلوع الشمس من مغربها، فإذا طلعت آمن من عليها فذلك يوم لا ينفع
نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا فإذا طلعت الشمس
انقطعت التوبة كما في الحديث الآخر: « لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة،
ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها »25
لأن الناس يصيرون مثل حال المعاينة، وإذا الإنسان انتهى إلى حال المعاينة انغلق دونه باب التوبة كقوله تعالى: ﴿
فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ
إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ﴾26 فإذا طلعت الشمس آمن
الناس، ولكن لا ينفعهم ما أحدثوه من إيمان أو أحدثوه من عمل صالح، فيبقى كل
على ما كان، فمن كان قبل طلوع الشمس من مغربها مؤمنا ومستقيما فهو على
حاله ينفعه إيمانه وعمله بعد ذلك، أما من كان كافرا ثم آمن لا ينفعه
إيمانه، ولو كان عاصيا ثم تاب لا تنفعه توبته.
« وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت آمن من عليها، فذلك لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا »24 نعم.
« ولا تقوم الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما »27 هذه جملة فيها ذكر لأحوال الناس.
الجمل الأخيرة فيها ذكر لأحوال الناس عند قيام الساعة.
وأن
القيامة تقوم - تقوم الساعة أي تقوم القيامة والناس في دنياهم، يعني لا
يسبق قيام القيامة انقراض الناس شيئا فشيئا، حتى لا يبقى على وجه الأرض.
لا
لا الدنيا تكون قائمة والناس في دنياهم سائرون في تجاراتهم، في حروثهم،
ولتقومن الساعة والرجلان يتمادان الثوب يتبايعانه، فلا يتبايعانه ولا
يطويانه، يهلكان يصعقان أو يفران، انتهى انتهت التجارة ﴿
إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ
كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا
﴾28 تطيش.
ولتقومن
والرجل يليط حوضه، يليط حوضه ليسقي به، فلا يسقى في هذا الحوض أيضا، إما
أن يصعق، وإما أن يفر على وجهه مما حدث في هذا العالم من اضطراب أرض تتزلزل
﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾29﴿
إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ
رَافِعَةٌ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ﴾30
« وحتى يرفع الرجل أكلته »31
اللقمة يرفعها إلى فيه فلا يأكلها، هذا بيان لحال الناس عند قيام الساعة،
قيام الساعة يبدأ بالنفخ في الصور، نفخ الصعق والفزع، نفخة الصعق والفزع
على الخلاف هل هما نفختان أو هي نفخة واحدة.
المهم أنه ينفخ في الصور فيفزع الناس، بل يفزع من في السماوات والأرض، يفزعون ويذعرون ثم يصعقون صعق موت.
يصعقون صعق الموت، ليس هو صعقة الغشية كصعق موسى عليه السلام لما تجلى ربه للجبل فخر موسى صعقا، صعق موت.
﴿
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي
الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا
هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾32 وهي نفخة البعث.
إذا
قيام الساعة يبدأ بالصعق بالنفخ في الصور نفخة الصعق والفزع، فالناس في
دنياهم ينفخ في الصور، فإذا نفخ في الصور نفخة الصعق والفزع هنالك يفزع
الناس فيهيب الناس على وجوههم ثم يموتون فتقوم الساعة والناس في دنياهم،
هؤلاء في بيعهم وشرائهم، وهؤلاء في مواشيهم وإبلهم لسقيها، وهذا على طعامه
يأكل الطعام.
وفي رواية أخرى « ولا تقومن الساعة -معنى الحديث- والرجل في يده الفسيلة ليغرسها »33 عنده أمر طويل، الفسيلة الصغيرة من النخل يأخذها الرجل ليغرسها فتقوم الساعة وهو بصدد غرس تلك الفسيلة، وهذه أمثلة.
إذن تقوم الساعة وهذا يلعب ويلهو، يمكن نقول: تقوم الساعة وهذا يلعب كرة، تقوم الساعة وهذا يفجر، يزني، تقوم
الساعة وهذا يشرب الخمر.
فهذه
أمثلة لبعض أحوال الناس في دنياهم، وأن الساعة تقوم والناس أحياء، وهؤلاء
الشرار والناس كما في الحديث المعروف: « إن من شرار الناس من تدركهم الساعة
وهم أحياء »33 هؤلاء الذين ذكر أن الساعة تقوم وهم على هذه الأحوال هؤلاء شرار الناس، لأن الساعة لا تقوم وفي الأرض من يقول: الله الله.
فإن
الله يقبض إليه من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فيبقى شرار الناس فيقبلون
على عبادة الأوثان، فالمقصود بأن الساعة تقوم على الناس وهم شرار الناس،
تقوم عليهم الساعة فيصعقون ويهلكون مع من هلك، وبعد ذلك تقوم القيامة
الكبرى يعني: يقوم الناس من قبورهم من مات من أول عمر الدنيا، ومن مات في
ذلك الصعق يقومون ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ﴾34 انتهى الحديث. نعم.
هذا أيضا مثالا نسيته « وحتى ينصرف الرجل بلبن لقحته »35
يحلب الناقة، اللقحة أو اللِّقحة هي الناقة ذات اللبن، فينصرف الرجل بلبن
لقحته لا يشربها كقصة صاحب الأكلة، يرفع الرجل الأكلة-اللقمة- إلى فيه فلا
يأكلها، وهذا الرجل بلبن لقحته فلا يشربها، خلاص انتهت الحياة بالنفخ في
الصور نفخة الصعق، يصعق الناس كلهم. نعم.
[size=25]1 : البخاري : الفتن (7121) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157).
2 : سورة الأنعام (سورة رقم: 6)، آية رقم:158
3 : البخاري : الفتن (7121) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157).
4 : البخاري : الصلح (2704) , والترمذي : المناقب (3773) , والنسائي : الجمعة (1410) , وأبو داود : السنة (4662) , وأحمد (5/51).
5 : البخاري : الصلاة (447) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (2915) , وأحمد (3/90).
6 : البخاري : الفتن (7121) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157).
7 : البخاري : الجهاد والسير (2996) , وأبو داود : الجنائز (3091) , وأحمد (4/418).
8 : البخاري : بدء الخلق (3276) , ومسلم : الإيمان (134) , وأبو داود : السنة (4722).
9 : أحمد (1/235).
10 : الترمذي : الدعوات (3522) , وأحمد (6/315).
11 : البخاري : المناقب (3609) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157).
12 : سورة مريم (سورة رقم: 19)، آية رقم:83
13 : البخاري : المناقب (3609) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157).
14 : سورة الأنبياء (سورة رقم: 21)، آية رقم:34
15 : البخاري : البيوع (2222) , ومسلم : الإيمان (155) , والترمذي : الفتن (2233) , وابن ماجه : الفتن (4078) , وأحمد (2/272).
16 : البخاري : الزكاة (1412) , وأحمد (2/313).
17 : البخاري : الفتن (7121).
18 : البخاري : الفتن (7121).
19
: مسلم : الإيمان ( , والترمذي : الإيمان (2610) , والنسائي : الإيمان
وشرائعه (4990) , وأبو داود : السنة (4695) , وابن ماجه : المقدمة (63) ,
وأحمد (1/51).
20 : البخاري : الفتن (7121) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157).
21 : البخاري : الفتن (7115) , ومسلم : الفتن وأشراط الساعة (157).
22
: البخاري : الدعوات (6351) , ومسلم : الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار
(2680) , والترمذي : الجنائز (971) , والنسائي : الجنائز (1821) , وأبو
داود : الجنائز (3108) , وابن ماجه : الزهد (4265) , وأحمد (3/101).
23 : البخاري : الاعتصام بالكتاب والسنة (7320) , ومسلم : العلم (2669) , وأحمد (3/84).
24
: البخاري : الصوم (1996) , ومسلم : صلاة المسافرين وقصرها (827) ,
والنسائي : المواقيت (567) , وابن ماجه : إقامة الصلاة والسنة فيها (1249) ,
وأحمد (3/39).
25 : أبو داود : الجهاد (2479) , وأحمد (4/99) , والدارمي : السير (2513).
26 : سورة غافر (سورة رقم: 40)، آية رقم:84 - 85
27 : البخاري : الرقاق (6506).
28 : سورة الحج (سورة رقم: 22)، آية رقم:1 - 2
29 : سورة الزلزلة (سورة رقم: 99)، آية رقم:1 - 2
30 : سورة الواقعة (سورة رقم: 56)، آية رقم:1 - 5
31 : البخاري : الرقاق (6506).
32 : سورة الزمر (سورة رقم: 39)، آية رقم:68
33 : أحمد (1/454).
34 : سورة الواقعة (سورة رقم: 56)، آية رقم:49 - 50
35 : البخاري : الرقاق (6506).